غريب القرآن وغريب الحديث:دراسة في المفهوم والتأويل
Abstract
تعد مباحث الغريب، سواء أكانت في القرآن الكريم أم في السنّة المطهرة، من المباحث المهمة التي حظيت باهتمام العلماء قديماً وحديثاً، فالغريب هو المنفرد الغامض الذي يحتاج إلى مزيد بيان وتفسير إما لندرة استعماله أو لانفراد قبيلة أو بطن من بطون العرب باستعماله دون غيرهم، أو لكونه أعجمياً عرّب مع المحافظة على معناه في لغته الأصلية، أو لأنه من الأضداد أو المتشابهات أو ما كثرت معانيه مع اختلافها... فممن ألف في غريب القرآن النضر بن شميل والأخفش، وأبو عبيدة في مجاز القرآن، ولعل أشهر مؤلف فيه مفردات الراغب الأصفهاني، وفي غريب الحديث ألف أبو عبيد القاسم بن سلام وابن قتيبة وأبو سليمان الخطابي البستي وأبو السعادات ابن الأثير "النهاية في غريب الحديث". وتظهر أهمية هذا الموضوع في تقلب معنى الغريب في السياقات العامة والتاريخية بتجاوز الدلالات اللفظية للمفردة، وهدف البحث هو إظهار هذه التقلبات والفروقات وعقد المقارنة بين غريب القرآن وغريب الحديث. وإشكالية البحث تكمن في إذا اتفق العلماء على معنى لغريب القرآن أو الحديث فالخطب هين لا يعدو البحث عن تفسيره في المعاجم وأشعار العرب وأمثالهم، أما إذا تضاربت التأويلات في معنى الغريب وظهر أثر ذلك جلياً في تفسير الآية أو الحديث وربما في الحكم الشرعي المبني عليهما فحينها يتحول الغريب من مجرد مفردة مستعصية على الفهم إلى مفهوم اكتسب معناه من قرائن تحف به، أو مسألة متأثرة بالسياق العام والمساق التاريخي وتطور دلالة اللفظ. وتعنى هذه الورقة بمتابعة الغريب القرآني والحديثي الذي تحول إلى مفهوم تجاوز الدلالات اللفظية والمعجمية، أو مسألة في فن التأويل القائم على تحليل السياقات البلاغية والتاريخية والتشريعية، باستخدام المنهج الوصفي القائم على تحليل بيانات كل نوع من الغريب، ونقد بعض الرؤى القاصرة من خلال عقد المقارنة بينهما. وعليه سيتم عرض هاتين المسألتين في مبحثين مستقلين مع استحضار نماذج قديمة وحديثة وعرض أدلة الخصوم والترجيح بينها، ومقارنة النتائج المترتبة على ترجيح معنى دون آخر. ومن النتائج المهمة التي توصل إليها البحث: دلالة السياق العام والتاريخي أهم بكثير من الدلالات اللفظية حالة الإفراد، وغريب الحديث رديف وعون لترجيح بين غريب القرآن.